حوارات

الناشط الريفي بأوروبا سعيد العمراني في حوار مع “ريف توداي”

الحوار أجري سنة 2014

أجرى موقع ريف توداي، حوارا مع الإعلامي و الحقوقي المقيم ببلجيكا سعيد العمراني، تحدث فيه من وجهة نظره عن عدد من قضايا الريف التاريخية، الراهنة و المستقبلية، كما تحدث عن الوضع الداخلي لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب و الذي يشغل فيه منصب المنسق العام بأوروبا.

و هذا نص الحوار الكامل:

ما تقييمكم لموقع الريف من الحراك الشعبي الاخير؟ و كيف تتوقعون نتائج هذا الحراك على مستقبل الريف سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا؟

أولا اشكر الإخوة في “ريف توداي” على هذه المبادرة الهادفة إلى إسماع صوت النخب الريفية تجاه منطقتهم.

للجواب على سؤالكم، أود أن أسجل بان الحراك الشعبي هذا ليس بالأخير، بحيث لازال متواصلا و لو بطرق أخرى، ليست بالضرورة أن تكون نفس الطرق التي ابتدأتها حركة 20 فبراير في المغرب كله.

أما موقع الريف في الحراك الشعبي. فلتذكير بان الريف كان دائما حاضرا و بقوة في كل معارك الشعب المغربي التواق للحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية.

للاسف الحراك الحالي في الريف ابتدأ بمآسي، و انتهى شوطه الأول من الصراع، بماسي أخرى ابتدأ بإحراق 5 شهداء في مبنى البنك الشعبي بالحسيمة و انتهى بالمحاكمة الصورية القاسية في حق معتقلي انتفاضة ايت بوعياش، و التي تعد من أقسى العقوبات التي عرفتها مدة حكم محمد السادس أو ما يسمى بالعهد الجديد.

ففي نظري تميز الحراك في الريف بنوع من التشتت و غياب التنسيق لا على مستوى الاقليم الواحد او على مستوى الريف الكبير/شمال المغرب. بالإضافة إلى ضعف التأطير الفكري و الأيديولوجي و حتى السياسي. بمعنى ان هذا الحراك يحتاج الى تقييم و تطوير عن طريق اجراء نقاش و حوار بين شباب الريف الكبير و القوى المساندة لهم بتعاون و تفاعل مع شباب باقي جهات المغرب.

اما على مستقبل هذا الحراك في الريف، فاعتقد انه سيظل مفتوحا على كل الاحتمالات.

الاحتمال الاول: هناك مخاطر الاجهاز الكلي على مكتسبات الريفيين و خاصة حقهم في التعبير و التنظيم. و هذا ما يمكن ملامسته في التضييق على كل فعل ريفي جاد، يقطع مع المخزن. و ما الهجوم الوحشي على بني بوعياش و بوكيدارن و امزورن و قبلها تازة، و بعدهما اشليحات بالعرائش و ما تلاهم من أحكام قاسية في حق شباب المنطقة لخير دليل على ذلك.

الاحتمال الثاني: هو أن نعرف كيف نصمد امام الآلة القمعية للنظام، و نعرف كيف نشتغل و نقاوم.

هذا الصمود لا يمكن ان يكون في غياب توفير شروط له. و من ابرز هذه الشروط هو وحدة النضال الريفي على اسس برنامجية تهدف الى تحرير الريف من قبضة المخزن و سياسة الاحقاد المتواصلة ضده. كما يتطلب مواصلة التشاور و التعاون مع شباب المغرب كله و قواه الديمقراطية و التقدمية الداعمة لنضالاته.

الاحتمال الثالث: هو أن يستمر الوضع كما هو عليه و أن يفوت الريف ل”مافيا” منظمة قد تكون محلية، لكن بتوجيه و تواطأ سري و علني مع المركز المخزني الذي سيوفر لها كل شروط تنفيذ اجندته الاستحواذية في حين ستذر عيون المواطنين بغبار لتكرس الياس و الألم و القبول بالهزيمة.

اعتقد انه إلى حدود الآن، قد يبدو أننا خسرنا بعض الأشواط في المعركة و قدمنا تضحيات جسام (شهداء و معتقلين)، لكن من المؤكد أننا لم نخسر القضية/ الحرب و خاصة ان كل الاجيال المتتالية متشبثة برموز الثورة الريفية و بالمطالب العادلة لأهل المنطقة الشمالية و المرتبطة بالكرامة والحرية وعزة النفس (حق الشغل، السكن، التعليم، حفظ الذاكرة الجماعية، الهوية و اللغة الريفية الامازيغية، بالاضافة إلى مطالب متعلقة بالتنمية المستدامة الشاملة اقتصاديا و ثقافيا و سياسيا..).

ما مسؤولية الاطراف الدولتية و الغير الدولتية في بعض الانزلاقات و التجاوزات و تعكير الاجواء بالريف؟ و من ثم ماهي الاقتراحات الملموسة لتجاوز حالة الاحتقان و اللا استقرار للحيلولة دون المخاطر التي باتت تهدد الريف و الريفيين؟

تتحدثون عن التجاوزات و الانزلاقات، غير أن الأمر يتجاوز ذلك إلى انتهاكات حقيقية. صراحة لا اعرف ادق التفاصيل و طبيعة التجاوزات و لا هذه الانزلاقات التي تتحدثون عنها – ربما ذلك يرجع إلى بعدي “جغرافيا” على وطني، رغم محاولة تتبعي للأوضاع ليل نهار-. لكن بالله عليكم كيف يمكن لدولة ان تترك محتجين لمدة سنة او اكثر، دون أن تنتبه إليهم، و لا الحوار معهم، و لا اللجوء الى حل مشاكلهم، أو النظر في مطالبهم و مشاكلهم. أليس بهذا السلوك لا تدفع الدولة هؤلاء الشباب الذين شحت حناجرهم بالشعارات الى اليأس.

اعتقد علينا ان نرى الاسباب الحقيقية التي ادت الى اندلاع الاحتجاجات و ليس الى المنحى الذي اتخذتها. إن الدولة تبقى المسؤولة الاولى و الاخيرة عن كل ما يحدث. فهي لم تعر ومنذ 50 سنة أية أهمية للطابع التعددي للهوية الوطنية وموقع الريف الكبير منها ولم تعترف بدور هذا الجزء من الوطن في مقاومة الاستعمار ولا دعت الاستعمار إلى الاعتذار عن جرائمه بل وعلى العكس من ذلك استحضرت العقلية التآمرية على التاريخ والذاكرة الجماعية للريف الكبير ولم تلجأ قط للتفكير في جبر الضرر الجماعي لأهالي المنطقة كما لم تبادر في التفاصيل اليومية إلى تلبية مطالب الساكنة و المعطلين، و تماطل في فتح تحقيق حول تصفية و إحراق 5 شهداء في الحسيمة. و رفضت فتح تحقيق جدي في اغتيال الشهيد كمال الحساني، و ترفض اليوم معاقبة رجال السيمي و القوات المساعدة و مسؤوليهم الذين اعطوا الاوامر لتخريب و نهب ممتلكات الناس و العبث بها في بوكيدارن وبني بوعياش، ناهيك عن سرقة المقاهي و المطاعم و المحلات التجارية.

اذن ماذا تنتظر منا الدولة اتريد ان ننتحر بصمت؟

أما عن المقترحات الملموسة لتجاوز حالة الاحتقان، فلابد ان تمر عبر اطلاق سراح جميع المعتقلين بدون قيد او شرط، و توقيف المتابعات في حق المناضلين، و الإسراع إلى فتح حوار شامل مع شباب و سكان المنطقة و تلبية مطالبهم المشروعة، و العمل عل رفع التهميش و الحصار على الريف، عبر سن سياسة تنموية تقطع نهائيا مع الماضي الأليم و كذا السياسة الحالية العرجاء، ناهيك عن باقي المطالب ذات الصلة: كالاعتذار الرسمي عن كل هذه الجرائم و تعويض المتضررين من جراء هذه السياسة الظالمة و معاقبة الجناة.

ما هي مقترحاتكم بصدد انصاف و مصالحة الريف، لتجاوز مخلفات الماضي، من دون القفز عن الاجابيات و المكتسبات الاخيرة (بعد زلزال 2004)؟

أولا: المطلوب، ضرورة توقيف السياسة الانتقامية والعقابية المتعمدة الحالية للنظام، و توفير أجواء لإجراء حوار مع أهل الريف الكبير/ وذلك عبر اطلاق سراح جميع المعتقلين السيايين و وقف المتابعات و رفع العسكرة على الريف.

ثانيا: لابد من اعتذار رسمي لرئيس الدولة عن الجرائم التي اقترفتها الدولة و أجهزتها القمعية في حق الريف و الريفيين طوال التاريخ.، ابرزها:

– التآمر على ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي

– تصفية جيش التحرير بالشمال

– اقتراف مجزرة 58/59

– قمع انتفاضة 84 و ما تلاها من تحريض و سب و اهانة للريفيين و نعتهم ب”الاوباش” و “اللي عايشين على التهريب و المخدرات”…..

– سياسة التهجير الجماعية التي سنها المخزن لافراغ الريف من سكانه الأصليين.

– إحراق الشهداء الخمسة بالحسيمة

– اغتيال الشهيد كمال الحساني ببني بوعياش…

بالاضافة الى التهميش المتعمد الذي تعرضت له المنطقة منذ الاستقلال الشكلي إلى اليوم.

ثالثا: لابد من وضع دستور جديد للمغرب كله، يقر بفصل حقيقي للسلط، و بحق سكان الجهات التاريخية في تقرير مصيرها السياسي و الاقتصادي و الثقافي في اطار جهوية سياسية حقيقية و اوطونوميات متعددة في إطار مغرب موحد و متضامن. و التراجع الفوري عن مشروع التقسيم الجهوي لعمر عزيمان.

رابعا: سن سياسة تنموية حقيقية قادرة على توفير حق الشغل للساكنة، و تفتح الامال امام شباب المنطقة.

– تعزيز البنيات التحتية للريف الكبير (مطارات، طرق، موانئ، و مصانع….)

– حفظ و حماية ذاكرة الريفيين، و صون كرامتهم و ثقافتهم و لغتهم.

– جبر الضرر الجماعي للريف الكبير.

– و أخيرا السماح بعودة رفات مولاي موحند و دفنها بمسقط رأسه باجدير كتتويج لكل هذه الخطوات، و بذلك فقط يمكن أن نتحدث عن مصالحة تاريخية مع الريف و اهله.

ما تقييمكم لاداء الريفيين المدافعين عن قضايا الريف؟ و أي مقترحات و اولويات لتجاوز اجترار الاخطاء و الانخراط العقلاني في دينامية وضع الريف على سكة التحديث و التقدم/ في ضل مغرب حر و متضامن؟

صراحة اداء الريفيين إلى حدود الآن، لا يرقى إلى مستوى التضحيات التي يقدمها اهل الريف على الأرض. كما أن عملهم يتسم بكثير من التشتت و التسيب أحيانا، و تدمير الذات. و بذلك اعتقد جازما، بان الريفيين إلى حدود الآن لا يستغلون كل إمكانياتهم السياسية و الاقتصادية و العلمية و كذا الرياضية و الثقافية و الفنية…الخ.

فبعد قمع انتفاضة 58/59 لم يستطع الريفيون النهوض من جديد، إلا في انتفاضة 84، بعدما تكون جيل ممانع انخرط بقوة في العمل الجماهيري و الطلابي التلاميذي و النقابي و الجمعوي و كذا التنموي، بالمغرب كله و ليس بالريف الكبير فحسب.

لكن نتائج زلزال الحسيمة و ما تلاها كانت عكسية مما كنا نتوقع. كنا نتوخى من ذلك الجيل ان يكون في مستوى امال و الام الريفيين و الريفيات. و إذا بالبعض منهم ارتمى كليا في برنامج المخزن و أحضانه، وذلك عن وعي او عن غير وعي. و بدأت الهرولة للاستفادة من “خيرات” العهد الجديد. فدمر عنصر الثقة بين المناضلين، و انتشر الياس، و بدت ملامح الاحباط و الهزيمة بادية على وجوه كل من يريد الاستمرار في مقاومة مخزنة الريف و مشاريعه التركيعية و سط تشويش خطير مصحوب بخلط الاوراق.

لقد كانت لاحداث تاماسينت اولى دقات الجرس للنهوض من الدوخة الكلية التي اصابت المناضلين الريفيين بعد الزلزال الذي زلزل الأرض و من عليها. فبدأت تنتظم جيوب المقاومة من جديد في الداخل و الخارج، رغم التشكيك في قدراتها لراب الصدع (الحركة الثقافية الامازيغية، حركة الحكم الذاتي للريف، منتدى حقوق الانسان لشمال المغرب، جمعية المغاربة لحقوق الإنسان بهولندا، صوت الديمقراطيين المغاربة بهولندا، اغراو نا الريف و تنظيمات مدنية أخرى داخل المغرب و خارجه، بالإضافة إلى أحزاب اليسار الراديكالي المغربي النهج الديموقراطي و حزب الاشتراكي الموحد و خيدق و قاعديين و مستقلين…الخ)، إلى أن اندلعت نضالات حركة 20 فبراير، كصيغة مغربية للتغيير اسوة بباقي دول شمال افريقيا و الشرق الاوسط، لتشعل شمعة الامل من جديد، حيث هب شباب المنطقة – إلى جانب رفاقهم في الوطن- لإعادة الاعتبار للنضال الريفي المليئ بالبوطولات و الأمجاد.

أما عن المقترحات لتجاوز هذا الوضع و الانخراط العقلاني في دينامية و ضع الريف على سكة التحديث و التقدم. فاعتقد ان ذلك يبدا من اعادة الثقة للنضال الريفي الشريف، بعيدا عن سياسة التخوين و الاقصاء و التهميش و المزايدات. كما اعتقد أن من حق كل واحد منا ان يدافع عن الريف الكبير من موقعه و من وجهة نظره، شريطة احترام الرأي الآخر و حقه في الوجود و التعبير و التنظيم، و الاشتغال بكل حرية بعيدا عن سياسات القمع و الضغط و الاكراه و شراء الذمم.

لذلك اقترح توقيع “ميثاق شرف من اجل الريف الكبير/شمال المغرب”، بين كل فعاليات و الإطارات الريفية و نخبها الثقافية و السياسية و الاقتصادية و الفنية.

اول بنود هذا الميثاق هو ان كل الاطراف من حقها ان تتصارع مع بعضها البعض سياسيا و ايديولوجيا و بلا هوادة، لكن عندما يتعلق الأمر بمصلحة الريف الكبير و قضاياه يلتزم الجميع بكلمة واحدة: وهي لا لمس الريف و الريفيين، لا للاعتداء على كرامتهم و حرماتهم و رموزهم و ثرواتهم و تراثهم و تاريخهم العظيم. لا لشتمهم أو أهانتهم من طرف أي كان.

الهدف من هذا الميثاق هو إعادة الثقة، و تجميع القوى الريفية و توفير أسس العمل المشترك بين أبناء الريف مهما اختلفت مشاربهم. و وضع أسس المحاسبة والمنافسة الشريفة. فالريف الكبير محتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى الى كل ابنائه و طاقاته في الداخل و الخارج من فنانين و سياسيين و اقتصاديين و اصحاب المال… شريطة ان يعرف كل واحد منا حدوده، و يعرف أين تكمن مصلحة الريف و ليس مصلحته الشخصية أو الحزبية.

اعتقد إذا انطلقنا من هذه القاعدة سنقرب الهوة بين النخب الريفية و تنظيماتها و نسترجع الثقة بين الفاعلين السياسيين، و نوفر لهم شروط الاشتغال الهادئ بعيدا عن سياسة التشنج و الريبة.

إن تجربتي كاطلانيا و الباسك باسبانيا، و تجربة الفلامان ببلجيكا مثلا، يمكن أن تشكل دروسا غنية لنا. فهؤلاء لم يحاربوا برجوازيتهم بل شجعوها على الاستثمار داخل جهاتهم و جعلوها أكثر قومية. و اليوم تدافع بقوة على مصلحة الجهة التي تنتمي إليها و تؤدي الضرائب خدمة لتنمية تلك الجهات. و الأحزاب تتصارع مع بعضها البعض في اطار اعتراف و احترام متبادلين و تنافس شريف.

شخصيا و كذا العديد -إن لم اقل الكل- من رفاقي في منتدى حقوق الانسان لشمال المغرب الذي انتمي اليه اليوم ، يدنا تبقى ممدودة لكل القوى الصادقة للجميع من اجل البحث في اسس صياغة “ميثاق للريف الكبير/شمال المغرب”.

ان التجربة و المعرفة علمتنا بان أي مجتمع لا يمكن ان يتطور أو يتقدم إلا بالحوار الحضاري بين الناس. و ان الحفاظ عل المبادئ و الهوية و الرموز و الحضارة، و صيانة التاريخ و الثراث و الثقافة هي من أسمى مبادئ حقوق الانسان المتعارف عليها دوليا.

فصراعنا مع المخزن يجب ان يوازيه اصلاح الذات و تقدير تضحيات كل واحد منا كل واحد من موقعه من اجل مصلحة الريف الكبير. و أن يكف البعض نهائيا عن سياسة تطويع الريفيين و فق إرادة المخزن و حاشيته، و أن لا يتحولوا إلى دركيين يحرمون على الآخرين حقهم في التنظيم و التعبير وحرية الاختيار، كما فعلو إبان منع المؤتمر الأول لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب بالشاون بتاريخ 10 دجنبر 2010 مثلا. بدعوى ” أنهم ماعرفينشي فين ماشي المنتدى”، و خاصة عندما رفع شعار “من اجل حق الجهات التاريخية في تقرير مصيرها السياسي و الاقتصادي و الثقافي”، مستندين على نفوذهم، و مستعملين مختلف أساليب الضغط و التشويه و الابتزاز.

إن الصراع الحقيقي بالنسبة لي، يبدأ بالعمل على تغيير موازين القوى، أي يجب اولا عزل المخزن، و تبيان بان الريفيين قادرين على تدبير شؤونهم بأيديهم. و أن يتحد اغلب ساكنة الريف و نخبها لتعرية السياسة القمعية للنظام و تقوية جبهة الرفض و المقاومة من اجل فرض حوار شامل مع السلطات المركزية بالرباط حول مستقبل ريف القرن 21. و وضح حد بشكل نهائي لتاريخ مليء بالاهانات و التهميش، عبر سن قوانين تجرم كل من سولت له نفسه سب الريفيين ب”الاوباش” أو “اولاد اسبانيول”…الخ. يجب على القوانين المغربية و المحلية تجريم العنصرية بكل اشكالها خاصة بين أبناء الوطن الواحد من جهة، و بينهم وبين عموم البشرية من جهة أخرى.

مع التأكيد لكل من يريد التأكيد، على أن طموحاتنا و أهدافنا واضحة و هو النضال من اجل بناء مغرب فدرالي ديموقراطي حداثي متضامن و موحد. مغرب الحرية و الديمقراطية و التعددية و العدالة الاجتماعية. و القول جهرا، بان من يتهمنا بالانفصال هم الخائنون و هم الانفصاليون الحقيقيون عن الوطن وهم ناهبو خيراته و ما هم إلا خدام أسيادهم الفرنسيين.

و ان استعمالهم لتهمة ” الانفصال”، ما هو إلا سلاح ليس إلا في يد النظام و بعض أحزابه و المستفيدين من الفساد الإداري و السياسي و الريع الاقتصادي. سلاح يستعمل لترهيبنا و قمعنا و تاجيج الراي العام ضدنا ليسهل لهم قتلنا، لكي يستمر فسادهم و نهبهم لثروات شعبنا. و هم بالتأكيد قلة منفصلة و انفصالية عن غالبية الشعب، تحكم المغرب و تتحكم في خيراته، و تتلذذ بامتصاص دم شعبنا المغربي الأبي شمالا و جنوبا/شرقا و غربا.

سؤال أخير: أثيرت مؤخرا عدة تساؤلات حول الوضعية الداخلية لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب و الذي تشغلون أنتم منصب المنسق العام له بأوروبا، و كذا صراعات لها علاقة بالسياسة و أشياء أخرى.. نود هنا أن توضح الصورة أكثر للرأي العام ؟

المنتدى تجربة جديدة من حيث التنظيم و الإستراتيجية و مقاربة حقوق الإنسان في الريف الكبير/شمال المغرب. جديد هذه التجربة كونها لأول مرة منذ القضاء على الثورة الريفية بقيادة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي/ يتمكن تنظيم من توحيد أبناء الريف الكبير/شمال المغرب من تازة إلى القصر الكبير. فبالرغم كل ما يمكن أن يقال على المنتدى و الانتقادات الموجهة له، إلا انه استطاع هيكلة نفسه في كل مدن شمال المغرب و حتى في أوروبا التي تتواجد فيها جالية مهمة من أبناء الريف الكبير أو ما يعبر عنهم بريفيي الشتات.

هذا النوع من التنظيم و بالإستراتيجيته المعلن عنها في مؤتمره الأول بمدينة اشاون في شهر ابريل 2011، و الداعية إلى حق الجهات التاريخية في تقرير مصيرها السياسي و الاقتصادي و الثقافي، أثارت و تثير العديد من التساؤلات و الانتقادات و سنتعرض إلى المزيد من الانتقادات و الهجمات. نحن نرحب بكل الانتقادات التي تتجه صوب أدائنا و برامجنا النضالية و طرق اشتغالنا، لكن نرفض رفضا قاطعا الهجمات الموجهة ضد الأشخاص و التي تخدش كرامتهم و حياتهم الخاصة.

لقد شرحنا لكل من يريد ذلك و في أكثر من مناسبة بان المنتدى لم يأتي لمواجهة أو مناهضة أو معاداة أي تنظيم سياسي أو نقابي أو حقوقي، لكننا أتينا لنحارب و بدون هوادة و لا تردد كل من يخرق حقوق الإنسان و المعتدين على الحريات بما فيها الحريات و الحياة الشخصية للافراد.

بالنسبة الوضعية الداخلية فإنني لست من أولئك الذين يقولون “كولشي العام زين”، بل أنني اشتغل مع رفاقي في الداخل و الخارج لتقييم أدائنا و الوقوف عند نواقصنا و ثغراتنا من اجل معالجتها ديمقراطيا و أيضا الوقوف عند مكامن قوانا لتطويرها و استغلالها بطرق أفضل.

لا اسمح لنفسي أن أتحدث بتفصيل على هياكل المنتدى بالداخل، لان وضعية المنتدى في الداخل يمكن أن تجاوب عليها التنسيقية العامة داخل المغرب، و على رأسها منسقها العام الرفيق عبد الوهاب تدموري. أما بالنسبة للخارج فيمكن لي أن اعبر لكم عن ارتياحي عن المجهودات التي يبذلها كل المناضلين بدون استثناء لبناء المنتدى على المستوى الأوروبي و تسجيل حضور مميز له في كل دول أوروبا (طبعا لسنا راضين على كل شيء لأننا دائما نطمح إلى الأفضل). لكن منذ المؤتمر التأسيسي بهولندا في شهر فبراير 2011 ، أي بعد اقل من سنة ونصف تمكننا من هيكلة المنتدى في بلجيكا و هولندا و مدريد و برشلونة، و تمكنا من توسيع قاعدتنا في كل من فرنسا و ألمانيا. اللقاء الأخير في برشلونة أتى أساسا للوقوف عن الوضع التنظيمي و التهيؤ للمؤتمر الأول للمنتدى بأوروبا.

إن كان سؤالكم يقصد الهجمات التي تلت لقاء 2 شتنبر للجنة الدولية ببرشلونة، فهي أساسا أتت ضد تحركات هذه اللجنة و البرنامج الذي سطرته للدفاع عن المعتقلين القابعين في سجون النظام. بالتأكيد تستهدف من الناحية الثانية التوسع التنظيمي للمنتدى، و ذلك عبر إتباع سياسة التشويش و خلط الأوراق التي تهدف و قف دينامكية المنتدى و إلهاء مناضليه بأمور دعائية مسمومة و غير مسؤولة لإبعاد المتعاطفين و عموم الناس عنا مادام الشك اخطر من القتل أو “الفتنة اشد من القتل”.

و في هذا الصدد أخبر الرأي العام عبر موقعكم ريف توداي بان المنتدى قرر رسميا مواجهة هذه الحملة إعلاميا و سياسيا و حتى قانونيا، لأنها تستهدف بالدرجة الأولى المنتدى كتنظيم ثم أعضائه و نضالاته و أهدافه عن طريق التشهير والقذف وتلفيق التهم. الأمر إذن لا يتعلق باختلاف الرأي ولا بحرية التعبير ولا الصحافة ولنضع النقط على الحروف. إذن كيفما كانت نوايا المعتدين فليتحملوا مسؤولية أفعالهم و أقوالهم، لان حرية التعبير مسؤولية و ليعلم الجميع بان “حريته تنتهي عندما تنتهك و تمس حرية الآخرين و أعراضهم”.

و اسمحوا لي أن أضيف كلمة أخيرة، أريد أن أؤكد من خلالها أن المنتدى تنظيم مستقل يحترم كل التنظيمات. لا و لم نخدم أجندة أي كان. نحن هنا فقط للمساهمة في خدمة مصلحة الريف الكبير و خاصة في شقه الحقوقي. فأي شخص أو هيأة حزبية أو رسمية سولت لها نفسها التدخل في شؤوننا، فإننا سنواجهها بكل ما أوتيت لنا من قوة. أما الحديث عن البام والارتباطات المزعومة فإن كل من يتتبع التطور الكمي والنوعي للمنتدى منذ المؤتمر الأول سوف يقف عند الطابع ألتعددي لهذا الإطار، بحيث جزء كبير من مسئوليه بالتنسيقيات المحلية غير حزبيين وأن جزء آخر من مسئوليه هم مناضلي الحزب الإشتراكي الموحد كما هو الشأن بالنسبة لمدينة القصر الكبير والشاون ومن الإتحاد الإشتراكي كما هو الشأن بالنسبة لمدينة العرائش وتازة ولم نكن لنشهر سيف الإقصاء في وجه أي مناضل حزبي ما دام احترامه لأجندة المنتدى وبرامجه و قانونه الأساسي و الداخلي. ومع ذلك أجزم أن لا اختراق لحزب البام لمنتدى حقوق الإنسان وأن كل ادعاء هو محض افتراء ومحاولة للتشهير والتشويش لن تثنينا عن المضي قدما في مشروعنا النضالي و نعتقد أن الفاعلين الحقيقيين في الريف الكبير يعرفوننا جيدا و يعرفون تاريخنا أيضا. إننا لسنا من أولئك الذين يرفعون الراية البيضاء بسهولة.

إن نخب الريف و غيوريه الحقيقيين، أو حتى النظام يعلمون جيد المعرفة بأن الحياة بالنسبة لنا لا تساوي إلا وقفة عز فقط، فإما أن نعيش بكرامة أو لا نكون. لذلك فنحن مستعدون أن نعطي كل ما لدينا من اجل الحقوق التاريخية و المستقبلية لجهة الريف الكبير و حق كل إخواننا المغاربة للعيش في مغرب ديمقراطي يسوده العدل و المساواة و الحريات الفردية منها و الجماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى