سياسة

تحليل: “البام” مهدد بفقدان رئاسة المجلس البلدي والإقليمي بالحسيمة وجهة الشمال

يقال أن حزب الأصالة والمعاصرة ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، خصوصا ما إذا تحدثنا عن النتائج التي حصل عليها بإقليم الحسيمةسنة 2009 أي بعد سنة من تأسيسه، الني وبسببها كان يعتبر الحسيمة قلعة من قلاعه الحصينة، حيث ظفر  برئاسة كل من المجلس البلدي لمدينة الحسيمة، المجلس الإقليمي للحسيمة وكذا جهة تازة الحسيمة تاونات جرسيف آنذاك، بعد أن اكتسح الانتخابات الجماعية والجهوية بالمنطقة.

وقد أحكم حزب “التراكتور” قبضته على إقليم الحسيمة بيد من حديد، خصوصا في الفترة التي كان يتحكم إلياس العماري الرجل النافذ آنذاك في مفاصل الحزب من وراء الستار، قبل أن يخرج إلى العلن بعد أن تولى منصب الأمين العام للبام وبعد ترأسه لجهة طنجة تطوان الحسيمة.

العماري وتطييب الخواطر

وبالرغم من اتسام العديد من قراراته بِ “الدكتاتورية” بمختلف فروع الحزب بباقي المدن المغربية، إلا أن العماري كان له تعامل خاص مع المنتسبين إلى حزبه بإقليم الحسيمة، حيث كان يحاول “تطييب الخواطر” كما يقال، خوفا ربما من تسرب أي خبر من قبيل “انشقاق حزبه” بمسقط رأسه وما شابه ذلك من عناوين..

لكن وبعد حراك الريف الذي اندلع إثر وفاة السماك محسن فكري، وهي الأحداث التي قلبت العديد من الموازين السياسية خصوصا بمنطقة الريف، والتي وصلت هزاتها الارتدادية إلى داخل صالونات السياسة المكيفة بالعاصمة الرباط، وهو ما أفرز بعد ذلك مغادرة العماري للساحة السياسية واستقالته من رئاسة كل من حزب الأصالة والمعاصرة وجهة الشمال، في ظروف لاتزال غامضة..

الحموتي ضد العماري وبنشماش ومع وهبي

لتأتي بعد ذلك فترة ترأس حكيم بنشماش لحزب “البام”، التي اتسمت بالليونة وإمساك العصا من الوسط فيما يتعلق بشؤون الحزب بالحسيمة، إلى أن “أُسْقِطَ” من منصب الأمين العام للحزب على يد إبن جلدته محمد الحموتي، كما فعل من قبل مع إبن عمته إلياس العماري، حين اصطف ضد بنشماش لإرغامه على مغادرة سفينة “البام”، ليعمل بعد ذلك على وضع عبد اللطيف وهبي على رأس الحزب بأي طريقة وهو ما نجح فيه فعلا.

هنا سيبرز إسم الحموتي أكثر، مع وضع وهبي أمينا عاما كواجهة في حين أن معظم أمور الحزب تسير من طرف الحموتي ومن معه، خصوصا ما يتعلق بالتزكيات، وهو الموضوع الذي تلقى فيه الحموتي توبيخا من طرف تيار كان قد تشكل من داخل المكتب السياسي للبام، تزعمته فاطمة الزهراء المنصوري في اجتماع ساخن عقد بمراكش.

وفيما يتعلق بتراكتور “البام” بالحسيمة، الذي هُجِرَ مقره منذ انتخابات البرلمان سنة 2016، ليجد الحزب نفسه بدون كتابة إقليمية ولا هيكل تنظيمي بالحسيمة، بعد دخول “ع ز” السجن الذي كان يشغل منصب الأمين الإقليمي للحزب، إلى يومنا أي بعد ما يقارب أربع سنوات من الفراغ..

ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة الخاصة بكل من مجالس الجماعات، الأقاليم، الجهات والبرلمان، التي ستجري يوم 8 شتنبر المقبل، نهج محمد الحموتي رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، فيما يتعلق بمنح تزكيات الحزب سياسة الغموض في معرفة معايير منحها والشروط التي يلزم أن تتوفر في مرشح “البام”، هذا في الوقت الذي يناقش مثل هذه المواضيع المتعلقة بالحسيمة مع دائرته الضيقة.

أكبر ترحال سياسي

تزكية البرلمان بإسم “البام” التي منحها الحموتي لنفسه، وذلك بعد أن سبق وأن أخبر منتسبي الحزب بالحسيمة بأنه لن يترشح إلى الغرفة الأولى، قبل أن ينقض عهد نفسه ويعود ليعلن ترشحه للبرلمان، وهو ما كان سببا في “أكبر ترحال سياسي” بإقليم الحسيمة، حيث تقدم بالاستقالة من الحزب كل من رئيس المجلس الاقليمي اسماعيل الرايس، ورئيس جماعة امرابطن، إضافة إلى العديد من داعمي الحزب بكل من الحسيمة المدينة، إمزورن، وجماعات: بني عبد الله، آيث قمرة، أجدير، بني بوفراح، جزء من بني جميل، إزمورن ومناطق أخرى بكتامة وإساكن.. وهو ما اعتبر هدية من ذهب استفاد منها كل من أحزاب الحمامة، الاتحاد الاشتراكي والسنبلة، وكل هذه الجماعات كانت توفر “للبام” ما مجموعه 10 ألاف صوت خلال انتخابات البرلمان سنة 2016، التي ذهبت مع الريح..

رئيسة “مفضلة”

وفيما يتعلق ببلدية الحسيمة المدينة، فقد اختار إمبراطور العقار محمد الحموتي، إزاحة محمد بودرا من المشهد السياسي بالحسيمة، كما فعل مع العماري وبنشماش، بعدم تزكيته لترأس ولا لائحة، بالرغم من كونه يعتبر من النخب السياسية الوازنة بالمنطقة بحكم التجربة والمناصب التي شغلها ولايزال ذات الصبغة العالمية، بالمقابل اختار الحموتي رئيسته “المفضلة” السابقة لبلدية الحسيمة فاطمة السعدي، التي لا تتردد في توقيع مصالحه العقارية بالحسيمة، لتكون وكيلة لائحة “التراكتور” التي ستتقدم للانتخابات الجماعية الخاصة بمدينة الحسيمة، بالرغم من التجربة الكارثية التي مرت بها بلدية الحسيمة خلال فترة ترأسها لها ما بين سنتي 2009 و 2015.

بداية النهاية ؟!

على بعد أيام من استحقاقات 8 شتنبر، وبنظرة تحليلية سطحية وفقط، يتبين للعارفين بالشأن السياسي بإقليم الحسيمة، أن حزب الأصالة والمعاصرة سيكون أمام امتحان صعب في هذا التاريخ، خصوصا أن أحزابا من قبيل: التجمع الوطني للأحرار، الاستقلال، الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قد أعدت عدتها منذ أشهر لهذا التاريخ بعملها على استقطاب العديد من الأعيان ورؤساء الجماعات العديد منهم كانوا بالأمس يلعبون بقميص “البام”، ما يخولها حظوظا وافرة للفوز بمقاعد البرلمان الأربع، بالمقابل نجد أن “البام” يريد دخول هذه الانتخابات بمنطق المغامرة والثقة بالنفس الزائدة أو ربما بحسابات لا يعرفها إلا من هندس لهذه المغامرة.

أيضا نجد رئاسة المجلس الإقليمي التي اعتاد “البام” على تقلدها، على مدى ولايتين على التوالي، هو الأخر سيكون خارج حساباته، حيث وحسب مصادر متطابقة أفادت موقع “ريف توداي”، أن هذا المنصب سبق وأن حسم بعد توافق مسبق، سيكون من نصيب حزب الحمامة.

أما فيما يتعلق بالمجلس البلدي لمدينة الحسيمة، فمن شبه المستحيل، أن يعود البام إلى رئاسته، خصوصا بعد بروز لوائح قوية سيكون لها حصة الأسد من مقاعد المجلس، وهذه اللوائح على قطيعة مسبقة مع حزب الأصالة والمعاصرة لأسباب عدة، تجربة فاطمة السعدي في تدبير شؤون البلدية إبان فترة رئاستها لها، كلائحة العدالة والتنمية والنهضة والفضيلة، إضافة إلى الطريقة الغريبة التي اختارها الحموتي في منح التزكية الخاصة ببلدية الحسيمة، ما كان سببا في دفع عدد من المستشارين السابقين عن “البام”، لتشكيل لوائح خاصة بهم، الذين ينتظرون على أحر من الجمر، لحظة تشكيل التحالفات ليردون “للبام” الصاع صاعين.

رئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة، ستكون هي الأخرى من الصعب أن يحافظ البام على رئاستها خصوصا مع العُدة “الجارفة” التي أعدها حزب الحمامة، للظفر بها هي الأخرى.

ترى هل سيشهد حزب الأصالة والمعاصرة نهايته بالحسيمة، بعد الثامن من شتنتبر القادم، على يد محمد الحموتي، الذي حارب أبناء جلدته داخل “التراكتور” في مهمة لا يعلم من كلفه بها إلا هو، ناسيا المعنى العميق المستنتج من المثل العربي الشهير: “أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثورُ الأبيض”.. فدوام الحال من المحال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى